الشمس.. نعمة الله على الإنسان..
النجم الساطع بالدفء والطاقة والضوء على الكرة الأرضية..
فلو ركبت سفينة فضاء وكنت في موقع أقرب نسبيًّا إلى هذه الشمس ألا يقول لك المنطق إن رؤيتك للأشياء ستكون أكثر وضوحًا مما هو عليه حالك وأنت على الأرض؟ ربما هذا ما كان يعتقده الناس قديمًا أما الحقيقة فهي عكس ذلك تمامًا..
فهذه الشمس العظيمة المتوهجة تسبح في ظلام دامس وقد وهب الله ضوءها للإنسان على الأرض فقط!
وما كان لضوء الشمس أن يصل إلينا لولا تشبع الغلاف الجوي للأرض بذرات الغبار والهواء وبخار الماء التي تعمل على تشتيت شعاع الشمس الواصل إلينا وتنثره بهذا اللون الأبيض الذي يتميز به النهار كظاهرة كونية لا تحدث إلا في النطاق الأسفل من الغلاف الجوي للأرض فقط!
وإن طبقة الضياء على سطح الكرة الأرضية لا يتجاوز سمكها بنحو مئتي كيلومتر فقط!
وهنا تعليق مشهور لأحد رواد الفضاء عندما انطلق في سفينة فضاء في وضح النهار وتخطى الغلاف الجوي فإذا به يتصل بمركز الانطلاق ويقول لهم حرفيًّا: "لقد أصبحنا عميًا لا نرى شيئًا"!
لقد دُهش رائد الفضاء هذا وظن أن بصره قد سُكّر وأنه قد أصابه العمى!
لعل هذا التعليق أبلغ تفسير لما جاء في هاتين الآيتين قبل ما يزيد على أربعة عشر قرنًا من الزمان:
وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) الحجر
تأمّلوا مطلع الآية الثانية: لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا، أي سُدّت وأُغلقت أبصارنا!
ولو نظرنا إلى مطلع الآية الأولى (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ..) لتأكد لنا أن هذه السماء عبارة عن بناء مُذهل دقيق الصنع يستحيل دخوله إلا عبر أبواب سماوية محكمة الإغلاق، وهذه الحقيقة لم يتوصل إليها العالم إلا بعد تمكنه من ارتياد الفضاء!
وإذا نظرنا إلى نهاية الآية نفسها (.... فَظَلُّوا فِيْهِ يَعْرُجُونَ) لوجدنا العجب العجاب، إذ توصل العلماء عقب تطور علوم الفضاء إلى حقيقة أن الصعود إلى السماء لا يتم إلا عبر منحنيات ومسارات متعرّجة!
فكيف علم مُحمَّد صلى الله عليه وسلّم أن الكون ظلام دامس من حولنا؟
وكيف علم أن الصعود إلى السماء لا يكون إلا عبر مسارات متعرّجة؟
وكيف علم أن للسماء أبوابًا لا يكون العروج إلا من خلالها؟
فسبحان من أحكم بناء السماء وجعل لها أبوابًا..
وسبحان من جعل الولوج إليها لا يكون إلا عبر هذه الأبواب..
وسبحان من سمّى الصعود إلى السماء عروجًا..
وسبحان من شبّه الذي يعرج في السماء بمن سُكّر بصره..
وسبحان من جعل من كتابه المنظور دليلًا حاسمًا على صدق كتابه المسطور..
فتأمّلوا آيتي الحجر من منظور رقمي..
وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) الحجر
دقّقوا النظر في الآيتين وسوف تلاحظون أنهما يشكلان جملة واحدة!
نعم.. جملة واحدة لا يكتمل معنى الآية الأولى إلا إذا أكملت الآية الثانية!
(ولو فتحنا.. لقالوا ..)
نعم.. لديكم سؤال مهم:
إذا كانت الآيتان يشكلان جملة واحدة متصلة، فلماذا وُضعت إذًا الفاصلة بينهما؟!
تأمّلوا وتدبروا هذا القرآن المعجز كيف يمتع العقول.. بعد التدبر والتأمل:
لقد جاءت الفاصلة بين الآيتين لأنه بعد 440 حرفًا تحديدًا من بداية سورة الحجر يجب أن تكون هناك آية تبدأ بحرف اللَّام!!
نعم.. يجب أن تكون هناك آية تبدأ بحرف اللّام!
سبحان الله.. ولمَ ذلك؟!
لأن هناك منظومة رقمية سباعية في سورة الحجر أساسها العدد 44 ولن تكتمل هذه المنظومة لو لم تبدأ هذه الآية تحديدًا بحرف اللام!
فبحرف اللام هذا أصبح لدينا 7 آيات تحديدًا في سورة الحجر تبدأ بحرف اللَّام.
لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7)
لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)
لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)
لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)
لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48)
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)
لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88)
مع التأكيد أنه لا يوجد أي آية أخرى في سورة الحجر تبدأ بحرف اللَّام خلافًا لهذه الآيات السبع.
والعجيب أن مجموع النقاط على حروف هذه الآيات السبع 114 نقطة!
إنه عدد سور القرآن الكريم!
سورة الحجر التي وردت فيها هذه الآيات ترتيبها في المصحف رقم 15 وعدد آياتها 99 آية..
ومجموع العددين 15 + 99 يساوي 114
سبحان الله.. الدلالة الرقمية ذاتها والمعنى نفسه!
القاسم المشترك بين هذه الآيات أنها تبدأ بحرف اللّام..
حرف اللّام ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 23 وتكرّر في هذه الآيات السبع 23 مرّة!
23 هو عدد أعوام نزول القرآن وقد نزل على 7 أحرف!
هذه الآيات عددها 7 والآية الأولى رقمها 7
ومجموع أرقام هذه الآيات السبع 287، وهذا العدد يساوي 7 × 41
مجموع كلمات هذه الآيات 59 كلمة، وهذا العدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 17
17 عدد أوّليّ أيضًا وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 7
الأعجب من ذلك.. أن الآية الأولى تأتي بعد 44 كلمة من بداية سورة الحجر!
والآية الثانية تأتي بعد 88 كلمة من بداية سورة الحجر، وهذا العدد يساوي 44 × 2
والآية الثالثة تأتي بعد 440 حرفًا من بداية سورة الحجر، وهذا العدد يساوي 44 × 10
أتدرون لماذا العدد 44؟
تأملوا رقم الآية الرابعة:
لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)
لقد ورد ذكر الرقم 7 لأوّل مرّة في سورة الحجر في الآية التي رقمها 44
أرأيتم العلاقة مع العدد 44
دققوا النظر أيضاً في رقم الآية السابعة والأخيرة.. إنه 88 أي 44 + 44
ولنستكمل معاً المنظومة السباعية في سورة الحجر..
جاء ذكر الرقم 7 في سورة الحجر مرّتين اثنتين:
لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)
وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)
الرقم 7 لم يرد خلال سورة الحجر إلا في هاتين الآيتين..
فما رأيكم لو تابعنا مجموعة من العلاقات الرقمية العجيبة التي تربطهما.. رغم تباعدهما؟
تأملوا ..
إن مجموع كلمات الآيتين يساوي 15
إنه ترتيب سورة الحجر نفسها في المصحف!
وإذا بدأت العد من الآية الأولى ورقمها 44 فإن الآية الثانية سيكون ترتيبها رقم 44
وإذا بدأت العد من لفظ (سَبْعَةُ) في الآية الأولى فإن لفظ (سَبْعًا) في الآية الثانية هو الكلمة رقم 264، ويساوي 44 × 6
سبحان الله!
لقد ربط العدد 7 بين هاتين الآيتين.. ببساطة لأنه لم يرد إلا فيهما.
روابط رقمية مذهلة!
والآن سأزيدكم من الجمال جمالاً..
هل تعلمون أن هاتين الآيتين تنطقان باسم الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم؟!
كيف؟ وأين؟!
تأملوا وقولوا سبحان من هذا كلامه..
حروف اسم (مُحمَّد) تكرّرت في الآيتين 8 مرّات..
وحروف كلمة (رسول) تكرّرت في الآيتين 15 مرّة..
أما حروف لفظ الجلالة فقد تكرّرت في الآيتين 21 مرّة ..
هذه الكلمات الثلاث هي (مُحمَّد رسول اللَّه) ومجموع الأعداد الثلاثة يساوي 44
تأمّلوا الكلمة رقم 44 من بداية سورة الحجر..
إنها كلمة (لَمَجْنُونٌ) في خاتمة هذه الآية:
وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)
حرف اللّام تكرّر في الآيات السبع 23 مرّة.
حرف الميم تكرّر في الآيات السبع 29 مرّة.
حرف الجيم تكرّر في الآيات السبع 4 مرّات.
حرف النون تكرّر في الآيات السبع 28 مرّة.
حرف الواو تكرّر في الآيات السبع 15 مرّة.
هذه هي حروف كلمة (لَمَجْنُونٌ) تكرّرت في الآيات السبع 99 مرّة!
سبحان الله.. إنه عدد آيات سورة الحجر!
والآن تأمّلوا كيف تكرّرت حروف كلمة (القرآن) في الآيات السبع:
حرف الألف تكرّر في الآيات السبع 37 مرّة.
حرف اللّام تكرّر في الآيات السبع 23 مرّة.
حرف القاف تكرّر في الآيات السبع 5 مرّات.
حرف الراء تكرّر في الآيات السبع 6 مرّات.
حرف النون تكرّر في الآيات السبع 28 مرّة.
هذه هي حروف كلمة (القرآن) تكرّرت في الآيات السبع 99 مرّة!
سبحان الله.. إنه عدد آيات سورة الحجر أيضًا!
المعنى نفسه والدلالة الرقمية ذاتها!
وما رأيكم لو زدنا الأمر تحدّيًا وذهبنا إلى الآية رقم 99
آخر آيات سورة الحجر..
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)
الآية تبدأ بكلمتي (وَاعْبُدْ رَبَّكَ)..
أحرف كلمة (وَاعْبُدْ) تكرّرت في الآيات السبع 73 مرّة.
وأحرف كلمة (رَبَّكَ) تكرّرت في الآيات السبع 26 مرّة.
مجموع العددين 73 + 26 يساوي 99
سبحان الله.. إنه رقم الآية وعدد آيات سورة الحجر أيضًا!
المعنى نفسه والدلالة الرقمية ذاتها!
فهل ظننتم أن المنظومة السباعية قد انتهت؟!
وما هو موقف الكلمة رقم 99 في سورة الحجر من هذه المنظومة؟
وما هي علاقة هذه المنظومة السباعية بالسبع المثاني التي ورد ذكرها في سورة الحجر؟
كل ذلك وغيره سوف تجدونه مفصّلا في موقع طريق القرآن..
الموقع الذي يقدم الدليل المادي الحاسم على مصدر هذا القرآن العظيم..
إنه كلام الله لا ريب..
-----------------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).