أربعة عشر قرناً من الزمان.. مرت على بدء نزول القرآن..
أجيال وأجيال.. يبهرها القرآن.. يخاطب كل جيل كأنه الجيل الذي نزل الوحي في زمانه..
الكتاب المعجز في كل شيء.. حتى في رسمه..
في البدء.. خطَّ كتّاب الوحي هذا القرآن بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، برسمه الأوّل..
رسمًا مجرّدًا من النقاط وعلامات التشكيل..
فجاء هذا الرسم معجزًا..
مرّ الزمان.. وتطوَّرت قواعد الرسم والإملاء..
وفي عهد الخليفة علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- ضُبطت حروف القرآن بالتشكيل والحركات..
الفتحة والضمة والكسرة والسكون..
فرسمت علامات التشكيل منظومة رقمية قرآنية معجزة..
مرّ الزمان.. وشهدت قواعد الرسم والإملاء مزيدًا من التطور..
وفي عهد الخليفة عبد الملك بن مروان كان التنقيط.. وُضعت النقاط على حروف القرآن..
فرسمت نقاط الحروف منظومة رقمية قرآنية معجزة..
ثم شهدت قواعد الرسم والإملاء المزيد من التطور في العصر الحديث.. فرُسمت حروف القرآن وكلماته كما نعرفها اليوم..
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ |
فجاء النظم القرآني معجزًا أيضًا بهذه القواعد الحديثة..
ومن هنا تتجلى عظمة القرآن الذي أنزله الله بعلمه، وكفى بالله عليمًا..
تأمّلوا في هذا المشهد كيف يستخدم القرآن مواضع نقاط الحروف وفق نظام رقمي محكم..
تأمّلوا ماذا يقول إبليس في هذه الآية من سورة ص:
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) ص
إن جميع كلمات هذه الآية منقوطة!
أي كلمة من كلمات هذه الآية لا تخلو من نقطة على واحد أو أكثر من حروفها..
تضمنت الآية 5 من الحروف المنقوطة..
ت- خ- ق- ن- ي
العجيب أن عدد هذه الحروف 5 واجتمعت كلها في الكلمة رقم 5 في الآية.. كلمة (خَلَقْتَنِي).
سبحانك ربّي..
بل إذا تأمّلتم مواضع النقاط على حروف هذه الكلمة سترون عجبًا!!
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) ص
أوّل نقطة على كلمة (خَلَقْتَنِي) هي النقطة رقم 8 من بداية الآية..
و 8 هو عدد النقاط على كلمة (خَلَقْتَنِي) نفسها!!
تأمّلوا الآية التالية لهذه الآية مباشرة:
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) ص
هذه الآية تشبه جارتها تمامًا.. فجميع كلمات هذه الآية منقوطة أيضًا.
وعدد النقاط على حروفها = 11
عدد الحروف غير المنقوطة فيها = 11 أيضًا.
كذلك لاحظوا رقم الآية.. نعم 77 .. أي 11 × 7
11 هو تكرار اسم إبليس في القرآن، وهو المخاطب وحده بهذه الآية.
7 هو عدد أبواب جهنّم!!
الأعجب أن 77 هو رقم الآية وهو عدد تكرار لفظ (جهنّم) في القرآن أيضًا.
تأمّلوا كيف تتحدّث الأرقام في القرآن!
سبحان الله!
تأملوا الآيتين معًا..
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِيْ مِنْ نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِيْنٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيْمٌ (77) ص
مجموع الحروف المنقوطة في الآيتين = 27
مجموع الحروف غير المنقوطة في الآيتين = 27
أترك لكم التعليق!!
تأملوا الآية الثانية من جديد..
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيْمٌ (77) ص
الآية جميع كلماتها منقوطة، وعدد كلماتها 5 وعدد حروفها 20
بعد 5 آيات من هذه الآية تأتي آية جميع كلماتها منقوطة أيضًا ويقول فيها إبليس 20 حرفًا..
تأمّلوا ماذا يقول:
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ (82) ص
والعجيب أن عدد الحروف المنقوطة في هذه الآية = 11
11 هو تكرار اسم إبليس في القرآن، وهو المتحدّث في هذه الآية..
نظم مذهل!!
لا مجال للعاطفة مع الأرقام أبدًا..
فيا من تكذبون بهذا القرآن العظيم..
تأمّلوا هذا الترابط العجيب في النسيج القرآني الرقمي..
إنه الحق ماثل بين أيديكم..
لا تتردّدوا كثيرًا..
أبحروا إلى ربّكم الآن هداكم الله..
إن السفن لا تتحطّم إلا عند الشطّآن..
والربان لا يشعر بالأمان إلا عندما يبحر في عرض البحر..
فأبحروا إلى الله الآن وقولوا معي.. إنه كلام الله لا ريب..
------------------------------------------
المصدر:
مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).