عدد الزيارات: 3.6K

الأعداد الأولية (1)


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 19/10/2016 هـ 04-01-1438

الأعداد.. ليست مجرد أرقام نحسب بها أموالنا أو نحصي بها الأشياء حولنا..

إنها منظومة متكاملة غاية في الدقة..

لا تتم العمليات الفيزيائية المعقدة إلا بها..

ولا غنى لعالم الفضاء عنها..

ولا يتحرك العسكريون إلا بدراسة رياضية دقيقة خاضعة لقواعدها..

الكون كله من أوّله إلى آخره منظومة عددية لا نهائية..

هذه الأعداد أقسام متعددة؛ أعداد صحيحة وأخرى غير صحيحة..

منها ما هو فردي ومنها ما هو زوجي.. هذا مركّب وذاك أوّلي..

ومن بين هذا المزيج المتنافر لا تزال الأعداد الأولية دون غيرها عصية على الفهم!

قرون متعاقبة.. ولا تزال هذه الأعداد تخفي سرًّا عظيمًا، ولغزًا يحيّر العقل البشري ويتحدّاه..

والأعداد الأوّليّة أعداد صحيحة أكبر من واحد ولكنها لا تقبل القسمة إلا على نفسها أو على الرقم 1 فقط.

ولذلك فإنَّ النظريات الرياضية تستقصي الرقم 1 من قائمة الأعداد الأوّليّة..

وعليه يكون أوّل عدد أوّليّ هو 2 يليه 3 ثم 5 ثم 7 ثم 11 و13 وهكذا.. إلى ما لا نهاية.

ملايين المحاولات المضنية التي قام بها علماء الرياضيات منذ آلاف السنين..

إلا أنهم لم يتوصلوا إلى أي نتائج ملموسة لفهم سلوك هذه الأعداد الأوّليّة أو ترويضها..

ولا يزال العلماء حتى هذه اللحظة في حيرة من أمرهم بشأن توزيع الأعداد الأوّليّة..

القرآن العظيم.. الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم قبل ما يزيد على 14 قرنًا يستخدم خصائص هذه الأعداد في تعزيز المعنى المراد، بل والأعجب من ذلك أن النسيج الرقميّ القرآني كلّه يقوم على هذه الأعداد الأوّليّة!

فهذه الأعداد الأوّليّة الصماء تتجلّى بوضوح في مواضع الإعجاز والتحدِّي..

وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالغيبيات التي لا يعلمها أحد من البشر ولا ينبغي أن يعلم..

تأمّلوا الآيتين التاليتين من سورة غافر..

وتابعوا كيف يوظّف القرآن الأعداد الأولية في الحديث عن وحدانية اللَّه سبحانه وتعالى..

(ثُمَّ قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قَالُوْا ضَلُّوْا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِيْنَ) غافر 73-74

لقد تعمدت أن أخفي عنكم موضع الفاصلة بين الآيتين..

فأين تتوقعون أن تكون نهاية الآية الأولى؟!

ما هي الكلمة الأخيرة في الآية رقم 73؟!

فكّروا جيِّدًا..

اقرأوا هذا النص القرآني جيِّدً.. تدبّروا معناه..

(ثُمَّ قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قَالُوْا ضَلُّوْا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِيْنَ) غافر 73-74

معظمنا سيضع فاصلة الآية بعد اسم اللَّه مباشرة!!

وبالفعل فإن معظم القُراء يقفون بعد اسم الله مباشرة!

لماذا؟ لأنه عند ذلك الموضع يكتمل المعنى تمامًا..

ولكن فواصل آيات القرآن لا تتحدّد بناءً على اكتمال المعنى لغويًّا فحسب بل اكتماله رقميًّا أيضًا!

فكما أن للكلمات لغتها فإن للأرقام لغتها أيضًا وقد تكون أبلغ وأفصح وأدق.

والآن لنـتأمّل أين وضع الوحي الفاصلة بين الآيتين:

ثُمَّ قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ (73) مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قَالُوْا ضَلُّوْا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِيْنَ (74) غافر

عجيب!!

والأعجب منه أن هذه الفاصلة ليس لها مكان إلا في هذا الموضع تحديدًا..

وأن أي موضع آخر لهذه الفاصلة يفسد تمامًا المعنى الرقمي لهذه الآية!

هذا الموضع دون غيره هو الموضع الوحيد الذي يمكن أن ينتج لنا منظومة متكاملة من الأعداد الأولية الصماء التي تؤكد المعنى الوارد في الآية.. معنى الوحدانية.. وحدانية الله سبحانه وتعالى.

رقم الآية 73.. عدد أوّليّ لا يقبل القسمة إلا على نفسه أو على الرقم 1

كما أن مجموع الترتيب الهجائي لحروف اسم اللَّه 73 أيضًا!

بل إن 73 مكوّن من 3، و7 وكلاهما عدد أوّلي!

وعدد كلمات الآية 7 كلمات، وهذا عدد أوّليّ!

وعدد حروف الآية 23 حرفًا، وهذا عدد أوّليّ!

ومكون من 3 و2 .. وكلاهما عدد أوّلي!

ومجموع حروف الآية وكلماتها ورقمها 103، وهذا عدد أوّليّ!

وعدد الحروف الهجائية التي تضمَّنتها الآية 13 حرفًا، وهذا عدد أوّليّ!

وإذا تأمّلنا ترتيب كلمة “تُشْرِكُوْنَ" من بداية الآية نجده رقم 7، وهذا العدد أوّليّ!

وكلمة “تُشْرِكُوْنَ" من بداية السورة ترتيبها رقم 1049، وهذا عدد أوّليّ!

وترتيبها من نهاية السورة رقم 179، وهذا عدد أوّليّ!

وترتيبها من بداية المصحف رقم 61519، وهذا عدد أوّليّ على ضخامته!

منظومة متكاملة من الأعداد الأولية الصماء

الأعجب من ذلك أن كلمة "تُشْرِكُونَ" في الآية هي الكلمة رقم 7

فما رأيكم أن كلمة "تُشْرِكُونَ" لم ترد في القرآن كلّه إلا 7 مرّات تحديدًا!

إذاً لابدّ أن توضع الفاصلة بعد كلمة "تُشْرِكُونَ" مباشرة!

ولا يمكن للفاصلة 73 أن تتقدَّم أو تتأخَّر عن موضعها الحالي.. وإلا اختلَّ النظام الرقميّ للقرآن كله!

تأمّلوا هذا النظام القرآني المبهر.. رقمًا وحرفًا.. عددًا ولفظًا!

تأمّلوا كيف التقت هذه المسارات المتعددة للأعداد الأوّليّة وتعانقت عند فاصلة الآية 73

مسار قصير المدى يأتي من بداية الآية..

مسار آخر متوسط المدى يأتي من بداية السورة..

مسار ثالث بعيد المدى يأتي من بداية المصحف..

 مسار للآيات ومسار للكلمات ومسار للحروف..

كلها تتحد وتلتقي في نقطة واحدة لتعزز المعنى المراد بالآية!

حقًّا.. لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا.

هذا النظام الرقمي المرتبط ارتباطًا وثيقًا بمعاني الآيات والكلمات القرآنية..

ثُمَّ قِيْلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُوْنَ (73) مِنْ دُوْنِ اللَّهِ قَالُوْا ضَلُّوْا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِيْنَ (74) غافر

فالآية تطرح هذا الاستفهام: أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ؟

فتأتي الآية بكل مكوناتها في منظومة أعداد أولية لا تقبل القسمة إلا على نفسها أو على الرقم 1 فقط وكأنها تجيب على التساؤل: لقد غاب كلهم، ولم يبق إلا الواحد الأحد سبحانه وتعالى!

إن لم يكن في القرآن كلّه حقيقة رياضية غير موضع الفاصلة 73 من سورة غافر لكان ذلك كافيًا لنقول..

حقاً إنه كلام الله لا ريب!

------------------------------------------

المصدر:

مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.