عدد الزيارات: 6.7K

ركس انجرام


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 19-05-1438

تخيل مدى تأثير المنتجات الثقافية الغربية في الهوية العربية والإسلامية..

تخيل بالأخص مدى تأثير هوليوود في هذه الهوية..

ولكن.. بالمقابل.. تخيل أن أحد كبار مخرجي هوليوود يعتنق الإسلام!!

ماذا؟.. هل ستكتفي بتكبيرة واحدة؟!

الله أكبر.. حقًّا إنها قدرة الله وحده.. إنها الهداية من الله وحده!!

المخرج الكبير هو بطل قصتنا.. إنه المخرج السينمائي العالمي ركس إنجرام الذي فاجأ نبأ إسلامه الأوساط الفنية في (هوليوود)، كما فاجأ الجميع في مختلف دول العالم.. فما هي قصة هذا النجم العالمي الذي كان آفلًا فتألق باعتناقه الإسلام؟

ولد ركس –بحسب القصة التي رواها بلسانه- في أسكتلندا لأب وأم إنجليزيين.. لم يحظَ برؤية أبيه لأنه قتل في حرب البوير المشهورة وما زال ابنه ركس طفلًا صغيرًا.. ظلت أسرته تعيش في رغد من العيش حتى قامت الحرب العالمية الأولى فتطوع للعمل في الجيش.. انضم في فرنسا إلى فرقة الفرسان.. وبعد مضي أربع سنوات قضاها في أتون المعارك الحربية عاد إلى مسقط رأسه ففجع بوفاة أمه وبمقتل إخوته الثلاثة في الحرب.. هام على وجهه لا يلوي على شيء.. تنقل بين العديد من دول العالم (الهند، الصين، اليابان، سوريا، مصر... إلخ).. وحتى يخفف من آلامه الدفينة شغل نفسه بدراسة اللغات والديانات.. في سوريا تعلم اللغة العربية.. درس مختلف الأديان بيد أنه لم يجد الطمأنينة إلا حينما بدأ في مطالعة القرآن الكريم.. طالع ركس القرآن مرارًا وتمعّن في معانيه بعمق.. رأى فيه من العذوبة والروعة ما جعله يتلو آياته في كل يوم حتى يمكِّن لروحه الظمأى للسكينة الشرب منه بقدر ما تستطيع..

وفي ثلاثينيات القرن العشرين زار ركس مدينة الإسكندرية وهام على وجهه حتى وصل إلى دمنهور.. هناك وعلى شاطئ ترعة صغيرة استلقى مسترخيًا فغرق في نوم عميق.. رأى أثناء نومه دخانًا تصاعد من الأرض وتكاثف في السماء ثم أضاء نورًا باهرًا تكونت منه كلمة (الإسلام).. استيقظ ركس من منامه وكلمة الإسلام لا تزال ملء ناظريه وحواسه.. شعر للمرّة الأولى براحة وطمأنينة.. في طريق عودته لاحظ أنه لا يمر بقروي إلا ويقرئه السلام ويدعوه للطعام، بل ويبذل جهده في إكرامه واستضافته في منزله. سأل نفسه مندهشًا: "أنا غربي وهم شرقيون بيني وبينهم اختلاف جوهري في الطباع والدين فما بالهم يسارعون إلى إكرامي.. أنا كم رأيت الناس في بلدي وهم يرتابون من بعضهم بعضًا"!!..

صمت ركس للحظات اجتر خلالها الذكريات ثم وجّه عددًا من الأسئلة إلى شخصية افتراضية في إطار إعجابه بالمسلمين فقال: "لو مررت على فلاح في أوروبا وأقرأته السلام، هل تحظى منه بمثل هذا الإكرام؟ وإذا وجدت رجلًا يأكل ووقفت إلى جانبه، فهل يشركك في طعامه عن طيب خاطر؟ وإذا قرعت بابًا هل يفتح لك على مصراعيه فتحلُّ فيه ضيفًا كريمًا".

حاول الإجابة عن أسئلته إنابة عن الشخصية الافتراضية فتوصل إلى حقيقة جليّة مفادها أن (الإسلام) هو الذي ارتقى بتلك النفوس فأصبحت سامية كريمة.

نام ركس مرّة أخرى ورأى للمرّة الثانية عمود الدخان وقد تحوّل إلى حروف من ضوء تتجمع لتكوّن كلمة (الإسلام).. استيقظ من نومه وقد أيقن أن الله اختار له الإسلام دينًا.. شعر براحة لم يذقها منذ خروجه من بطن أمه إلى الدنيا.. شعر بنعمة الإيمان تنساب إلى دواخله في نعومة ويسر.. وفي المقابل أحس بلامبالاة تجاه المؤثرات المادية بكل لذتها وألمها.

وتحدث ركس يصف دواعي دخوله الإسلام قائلًا: "أنا لم أقدم على التغيير الذي أحدثته في حياتي لمجرد نزوة وقتية، وإنما درست الدين الإسلامي بعمق لعدة سنين، ولم أعتنقه إلا بعد بحث قلبي عميق، وتحليل نفسي طويل.. فأنا غيّرت ديانتي بغرض الحصول على الراحة من ضجيج الحياة الجنوني، وبهدف أن أنعم بالسكينة والطمأنينة في ظل الهدوء والتأمل بعيدًا عن المتاعب المرهقة التي يسببها التكالب على الكسب واللهاث وراء المال، وحتى أخلص نفسي من براثن الأغراء والإغواء بأنواعها المختلفة.. باختصار اعتنقت الإسلام لكي أنقذ نفسي من الهدم والتدمير". 

وأضاف ركس وهو يذكر موقفًا مؤثرًا أحدث أثرًا عظيمًا في نفسه فقال: "أذكر ذات مرة، أن عملي كمخرج سينمائي فوتوغرافي تطلَّب مني أن ألتقط شريطًا سينمائيًّا لرجل عربي مهيب طويل القامة يقف في رأس مئذنة ويؤذن للصلاة.. وأنا أقف إلى جانبه وأعمل على تصويره هزني بشدة صوته الذي كان بارتفاعه وانخفاضه ينفذ إلى أعماق قلبي".

أردف ركس وهو يتنهد بعمق: "حالما انتهينا من التصوير وجهت دعوة إلى ذلك العربي ليزورني في مكتبي، وعندما لبّى دعوتي أخذت أسأله عن دقائق الديانة الإسلامية.. تأثرت كثيرًا بإجاباته المقنعة واعتنقت الإسلام بعد ذلك.. بل أخذت أصلي معه.. الحقيقة شعرت بقناعة نفسية مريحة تغمرني رويدًا رويدًا، كما بدأت أشعر بالسعادة وأكره كل الرغبات المادية التي كانت تأسر نفسي".

وعقب إعلانه لإسلامه عانى ركس صراعًا نفسيًّا مريعًا إذ وجد نفسه يقف تائهًا حائرًا في مفترق طرق بين خيارين اثنين لا ثالث لهما: التمسك بديانته الإسلامية أو الحفاظ على عمله السينمائي.. هكذا بقي يسهر الليالي الطوال يرقد في فراشه مفتوح العينين حتى الصباح وهو يفكّر في إيجاد حل لهذه المشكلة حتى جاءه الرد من الله تعالى كما قال.

ففي ليلة من ليالي (نيس) التي زارها لتصوير شريط سينمائي قام يصلي لمدة طويلة فزادت واشتدت عزيمته.. وفي اليوم التالي أدار ظهره لعمله السينمائي ليهب جسمه ونفسه وحياته للإسلام.

واختتم ركس حديثه قائلًا في فرح طفولي: "أنا اليوم ابن الإسلام أشعر بالسعادة أكثر مما شعرت بها في أي يوم من أيام حياتي.. أنا الآن أعيش في مدينتي الغربية وأرتدي ثيابي الغربية بينما أدين بدين الإسلام الخالد الذي هو أكمل دين سماوي ارتضاه الله تعالى للبشرية".

وبقي أن نقول: أكبر مخرج سينمائي فوتوغرافي في العالم كما وصفته جريدة السياسة الأسبوعية التي صدرت في 13 فبراير 1988 يركل المجد والشهرة والثراء ويهجر هوليوود بكل ما فيها من شهرة صاخبة وأضواء براقة مقابل أن يدخل الإسلام.

"قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ" (يونس: 58).

نعم.. هو خير مما يجمعون..

هل ستصل في مجال عملك إلى النجاح الباهر الذي حققه ركس؟!!

قلة هم أولئك الباهرون..

وتخيل أنك وصلت إلى ما وصل إليه في الدنيا..

لمَ لا تصل أيضًا إلى ما حرص على الوصول إليه في الآخرة؟!!

إنه الأهم.. الأبقى..

اسأل الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

--------------------------------------

المصادر:     

العشّي، عرفات كامل (2001)؛ رجال ونساء أسلموا؛ القاهرة: المكتب المصري الحديث.

عبد الصمد، محمد كامل (1995)؛ الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء؛ ثلاثة أجزاء؛ القاهرة: الدار المصرية اللبنانية للنشر.    

عثمان، محمد عثمان (2004)؛ لمَ أسلم هؤلاء الأجانب؟ (ثلاثة أجزاء)؛ سوريا: حلب: دار الرضوان.

فارس، نايف منير (2010)؛ علماء ومشاهير أسلموا؛ الكويت: دار ابن حزم.

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.