عدد الزيارات: 14.8K

المهتدي أم المهتدِ؟


إعداد: الدكتور/ أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
آخر تحديث: 27/08/2017 هـ 23/01/1437

يتميّز الأسلوب القرآني بالتوظيف الدقيق للألفاظ، بما يؤدي إلى سعة المعنى ولو بأوجز لفظٍ، حتى إن الكلمة الواحدة تكاد تنفجر من كثرة ما تحمل من معانٍ دقيقة، مؤديةً أكثر من وظيفةٍ لغويّة أو فنيّة أو بلاغيّة يستدعيها السياق، وهذه الميزة التي يتفرّد بها التعبير القرآني، تُكسبه ثراءً وغنًى وتنوّعًا، ما يجعله صالحًا لكل زمان ومكان، مهما تعدّدت الثقافات وتنوّعت.

ولذلك لا تتعجّب إذا رأيت تنوّعًا في بنية الكلمة الواحدة، واختلافًا على مستوى الحرف، أو على مستوى حركة الحرف. خذ على سبيل المثال كلمة "تستطيع" التي وردت في سورة الكهف على ثلاثة أوجه، حيث وردت كما هي كاملة "تستطيع"، ووردت "تستطع"، بحذف الياء، ووردت "تسطع"، بحذف الياء والتاء معًا، وذلك كلّه من كمال المعنى والتصوير اللغويّ والبلاغيّ، كما أنه من مقتضيات تمام البناء الرقمي للكلمة القرآنية.

وفي المشهد القرآني الذي نحن بصدده الآن سوف أعرض عليك نموذجًا رائعًا، يصوّر تفاعل النسيج الرقمي القرآني مع أي تغيير يطرأ على بنية الكلمة، حتى ولو على مستوى الحرف!

إنه أمر دقيق جدًّا.. لا ينتبه له المسلمون وهم يقرأون كتاب ربهم! للحرف وزنه في القرآن!

 

تأمّل..

ورد قوله تعالى (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِيْ/ الْمُهْتَدِ) في ثلاثة مواضع في القرآن.

في الموضع الأوّل جاء بصيغة (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِيْ) في هذه الآية من سورة الأعراف:

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُوْنَ (178) الأعراف

بينما جاء في سورتي الإسراء والكهف بصيغة (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ):

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُوْنِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوْهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيْرًا (97) الإسراء

وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِيْنِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) الكهف

تأمّل مجموع أرقام الآيتين 97 + 17 يساوي 114 وهذا هو عدد سور القرآن!

كلمة (الْمُهْتَدِ) في آية الكهف جاءت بعد 97 حرفًا من بداية الآية!

وسورة الكهف نفسها جاءت بعد 17 سورة من بداية المصحف!!

مرّة أخرى يتجلّى العددان 97 و17، ومجموعهما 114 بعدد سور القرآن!

 

تأمّل آية الإسراء:

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُوْنِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوْهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيْرًا (97) الإسراء

آية الإسراء رقمها 97، وسورة الإسراء ترتيبها رقم 17

مرّة ثالثة يتجلّى العددان 97 و17 ومجموعهما 114 بعدد سور القرآن!

ماذا تتوقّع أن يكون عدد حروف هذه الآية؟

عدد حروفها 114 حرفًا.. بعدد سور القرآن!

انتبه!! هنا رسالة مهمّة للذين يتوهمون أن النظم القرآني معجز فقط من خلال الرسم العثماني، لأنك إذا فتحت المصحف وبدأت عدّ حروف الآية 97 من سورة الإسراء، فسوف تلاحظ أن عدد حروفها ينخفض من 114 حرفًا إلى 112 حرفًا، ولذلك تنهار جميع هذه العلاقات والروابط الرقمية الرائعة!

 

قف وتأمّل..

إذا أثبتت ياء "المهتدي" في آية الإسراء.. يتلاشى تمامًا هذا التناسق الرائع، بل الأعجب من ذلك أن مواضع جميع كلمات الآية وحروفها سوف تختل بإثبات ياء "المهتدي"! كيف؟

تأمّل جيّدًا أين جاء حرف الياء في الآية:

وَمَنْ يَهْدِ2 اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ7 فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ11 مِنْ دُوْنِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ15 الْقِيَامَةِ16 عَلَى وُجُوْهِهِمْ عُمْيًا19 وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيْرًا27 (97) الإسراء

ورد حرف الياء في 7 مواضع محسوبة بدقة فائقة داخل الآية، حيث جاء في 7 كلمات ترتيبها من بداية الآية على النحو الآتي:

2، 7، 11، 15، 16، 19، 27

ومجموع هذه المواقع السبعة = 97

تأمّل جيّدًا هذا العدد.. إنه رقم الآية نفسها أليس كذلك؟!

 

على مستوى الحرف

ننتقل من مستوى الكلمة إلى مستوى الحرف..

ونتأمّل معًا أين جاء ترتيب حرف الياء في المواضع السبعة داخل الآية..

لقد جاء في 7 مواضع أيضًا ترتيبها من بداية الآية على النحو التالي: 4، 23، 39، 55، 61، 76، 112 ومجموع هذه المواضع السبعة لحرف الياء = 370

هذا العدد = 114 + 114 + 114 + 28

28 هو ترتيب حرف الياء نفسه في قائمة الحروف الهجائية! عجيب!

الآن.. قل لي بربك هل هناك أي مكان لإضافة حرف ياء ثامن في الآية؟

وإذا كان ذلك ممكنًا فأين تضعه؟

بل هل يمكنك أن تحذف أي حرف من حروف الياء التي وردت داخل الكلمة باستثناء ياء "المهتدي"؟

 

الأعجب من ذلك!!

لا يمكنك أن تحذف أيّ ياءٍ من أي كلمة، ليس من كلمات هذه الآية فحسب، بل من كلمات سورة الإسراء بأكملها.. باستثناء ياء "المهتدي"، لأنك ببساطة إذا تتبّعت كلمات سورة الإسراء، كلمة كلمة، فستلاحظ أن هناك 69 منها تنتهي بحريف الياء، وإذا أضفت هذا العدد إلى الترتيب الهجائي لحرف الياء نفسه، وهو 28، يكون الناتج 97، وهذا هو رقم الآية التي نحن بصددها! أرأيت؟!

لا مكان لأي كلمة أخرى في سورة الإسراء يمكن أن تنتهي بحرف الياء، ولذلك وجب حذف ياء "المهتدي"!

وإذا تتبّعت سورة الإسراء.. كلمة كلمة.. وحرفًا حرفًا فسوف تجد أن حرف الياء ورد بها 401 مرّة، وفي جميع الكلمات التي ورد بها حرف الياء تجده حرفًا أصيلًا في بنية الكلمة.. لا يمكنك حذفه بأي حال!

ولذلك جاء مجموع تكرار حرف الياء في سورة الإسراء 401

وهذا العدد أوّليّ لا يقبل القسمة إلا على نفسه، أو على الرقم واحد.

بل إذا تأمّلت ترتيب العدد 401 في قائمة الأعداد الأوّليّة تجده 79، وهذا الأخير أوّليّ أيضًا!

خلاصة القول: إن عدد حروف سورة الإسراء 6643 حرفًا، لا يمكنك أن تحذف أيّ حرف منها، باستثناء ياء "المهتدي"، وفي الوقت نفسه لا يمكنك أن تثبت هذا الحرف في أي موضع آخر داخل السورة، لأن البناء الرقمي للسورة بأكملها سوف يختل لا محالة، وأن سورة الإسراء من أولها إلى آخرها لا تحتمل إضافة أي حرف آخر أو إنقاصه. كيف؟

 

تأمّل من جديد آيتي الأعراف والإسراء:

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178) الأعراف

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) الإسراء

سورة الأعراف ترتيبها في المصحف رقم 7 وسورة الإسراء ترتيبها رقم 17

العجيب حقًّا أن العدد 17 أوّليّ وترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 7

وعليك أن تنتبه إلى أن (الأعراف) من 7 أحرف و(الإسراء) من 7 أحرف أيضًا.

 

مطلع آية الأعراف: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي.

مطلع آية الإسراء: وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ.

تأمّلوا جيِّدًا.. كل آية بدأت بخمس كلمات و19 حرفًا.

أين الاختلاف إذًا؟ الاختلاف في أوّل وآخر حرف في المطلعين!

في مطلع آية الأعراف جاء حرف الياء في نهاية الكلمة الأخيرة.

في مطلع آية الإسراء حُذف حرف الياء في نهاية الكلمة الأخيرة وأُضيف بدلًا عنه حرف الواو في بداية الكلمة الأولى!

وهذا من مقتضيات التوازن القرآني على مستوى الحرف!

آية الأعراف يجب أن تبدأ بحرف الميم:

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178) الأعراف

وآية الإسراء يجب أن تبدأ بحرف الواو:

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) الإسراء

آيات سورة الإسراء التي تبدأ بحرف الميم عددها 2 فقط، هما:

مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)

مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)

تأمّل رقم الآية الأولى ورقم الآية الثانية!

هناك آيتين محصورتين بين هاتين الآيتين وهما الآية رقم 16 والآية رقم 17

والآن لنرى الصورة كاملة:

مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17) مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)

تأمّل كيف يبدأ هذا المقطع: مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ!

الآية الأولى بدأت بحرف الميم والآية الأخيرة بدأت بحرف الميم أيضًا.

ولا يوجد في سورة الإسراء كلها أي آية أخرى تبدأ بحرف الميم خلافًا لهاتين الآيتين!

والآن تأمّل الآيتين اللتين في الوسط:

وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)

أوّل ملاحظة يمكن أن تلفت نظرك هي أن كلٌ منهما يبدأ بحرف الواو!

العجيب أن مجموع كلمات هاتين الآيتين 27 كلمة، والعدد 27 هو ترتيب حرف الواو في قائمة الحروف الهجائية!

 

تأمّل الأعجب..

العدد 7 ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 4

وفي هاتين الآيتين هناك 4 أحرف تكرّر كل منها في الآيتين 7 مرّات:

حرف الفاء ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 20، وتكرّر هذا الحرف في الآيتين 7 مرّات.

حرف الميم ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 24، وتكرّر هذا الحرف في الآيتين 7 مرّات.

حرف الهاء ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 26، وتكرّر هذا الحرف في الآيتين 7 مرّات.

حرف الياء ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 28، وتكرّر هذا الحرف في الآيتين 7 مرّات.

مجموع الترتيب الهجائي لهذه الأحرف الأربعة هو 98، وهذا العدد = 7 × 7 + 7 × 7

تأمّل.. هل ترى أمامك غير الرقم 7 وفي جميع الحالات!

العجيب أن مجموع حروف الآيتين 121 حرفًا، وهذا العدد = 114 + 7

إلى ماذا يشر الرقم 7 هنا؟

 

تذكّر معي..

آيات سورة الإسراء التي تبدأ بحرف الميم عددها 2 فقط:

مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) الإسراء

مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) الإسراء

العجيب حقًّا أن آيات سورة الأعراف التي تبدأ بحرف الميم عددها 2 أيضًا:

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178) الأعراف

مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) الأعراف

ولا يوجد في سورة الأعراف كلها أي آية أخرى تبدأ بحرف الميم خلافًا لهاتين الآيتين!

أرأيت هذا الميزان القرآني الدقيق!

والآن تأمّل أوّل آية في سورة الأعراف تبدأ بحرف الميم!

سبحانك ربّي! إنها الآية نفسها التي ولجنا من خلالها!

حقًّا.. مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي!

تأمّل كيف يمكن للنسيج الرقمي القرآني أن يكون أهم أدوات هذه الهداية لكل من له عقل وبصيرة!

 

انتبه جيِّدًا..

تأمّل مطلع أوّل آية في سورة الإسراء تبدأ بحرف الميم: مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ!

وتأمّل مطلع أوّل آية في سورة الأعراف تبدأ بحرف الميم: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي!

حقًّا.. مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي!

آيتي الأعراف كلاهما يبدأ بكلمة (من)!

آيتي الإسراء كلاهما يبدأ بكلمة (من)!

حرف الميم ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 24 وحرف النون ترتيبه رقم 25

مجموع الترتيب الهجائي لحرفي كلمة (من) هو 49، وهذا العدد = 7 × 7

سبحان الله! تأمّلوا كيف بدأنا بالرقم 7 وانتهينا به الآن!

وعليك أن تنتبه إلى أن (الأعراف) من 7 أحرف و(الإسراء) من 7 أحرف أيضًا.

والآن ما هي علاقة الأعراف والإسراء بالسبع المثاني.. الفاتحة!

 

تأمّل كيف تكرّرت أحرف لفظ (الأعراف) في سورة الفاتحة:

الحرف

ا

ل

أ

ع

ر

ا

ف

المجموع

تكراره في الفاتحة

26

22

26

6

8

26

0

114

 

نعم.. العدد 114 هو عدد سور القرآن الكريم!

 

تأمّل كيف تكرّرت أحرف لفظ (الإسراء) في سورة الفاتحة:

الحرف

ا

ل

أ

س

ر

ا

ء

المجموع

تكراره في الفاتحة

26

22

26

3

8

26

0

111

 

نعم.. العدد 111 هو عدد آيات سورة الإسراء!

حقًّا.. مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي!

أرأيت مثل هذا النظم المعجز رقمًا وحرفًا.. كلمة وعددًا.. هل يستطيعه بشر؟!

 

أين آية الكهف من هذا النظم العجيب؟

قوله تعالى: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ/ الْمُهْتَدِي) ورد في القرآن ثلاث مرّات في ثلاث سور:

جاء في سورة الأعراف بصيغة: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي.

وجاء في سورة الإسراء بصيغة: وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ.

وجاء في سورة الكهف بصيغة: مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ.

تأمّل الفرق بين الصيغ الثلاث.

في سورة الأعراف حُذفت الواو من بداية المطلع وأُضيفت الياء في نهايته.

في سورة الإسراء حُذفت الياء من نهاية المطلع وأُضيفت الواو في بدايته.

في سورة الكهف حُذفت الواو من بداية المطلع وحُذفت الياء أيضًا في نهايته.

 

تأمّل جيدًا..

الصيغتان في سورتي الأعراف والإسراء كلاهما 19 حرفًا.

الإسراء هي السورة رقم 17 في ترتيب المصحف والأعراف هي السورة رقم 7

17 عدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم رقم 7

وبما أنه لا يمكن للسورتين أن تتخذان الترتيب نفسه جاء العددان 17 و7 ليمثلان حدثًا رياضيًا واحدًا.

يؤكد هذه الحقيقة أن لفظ (الأعراف) من 7 أحرف ولفظ (الإسراء) من 7 أحرف أيضًا.

 

أما صيغة سورة الكهف فجاءت من 18 حرفًا.

لماذا؟ لأن العدد 18 هو بالفعل ترتيب سورة الكهف في المصحف!

وحتى يعود الميزان الرقمي القرآني إلى وضعه الطبيعي فلابد لآية الكهف أن يكون رقمها 17 دون غيره!

وهذا هو بالفعل رقم آية الكهف:

وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) الكهف

رقمها 17 وعدد كلماتها 34 كلمة، وهذا العدد = 17 + 17

 

والآن اكتملت الصورة فتأمّل..

سورة الأعراف ترتيبها في المصحف رقم 7

سورة الإسراء ترتيبها في المصحف رقم 17

سورة الكهف ترتيبها في المصحف رقم 18

ومجموع تراتيب هذه السور الثلاث يساوي 42

هل تعلمون إلى ماذا يشير هذا العدد؟

إنه عدد حروف آية الأعراف:

مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178) الأعراف

نعم.. عدد حروفها 42 حرفًا! تأكّد بنفسك الآن!

حقًّا.. مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي!

وهكذا يتشعّب بنا النظام الإحصائي إلى منعطفات وتعاريج رقميّة متشابكة جدًّا!

نضطر للتوقّف هنا على أمل أن نعود ونلتقي مع آيات الهداية الثلاث هذه في مشاهد أخرى مستقلّة.

وكما يقول ابن رجب: الناس على ثلاثة أقسام: راشد وغاوٍ وضال؛ فالراشد عرف الحق واتبعه، والغاوي عرفه ولم يتبعه، والضال لم يعرفه بالكلية؛ فكلُّ راشد هو مهتد، وكلُّ مهتدٍ هداية تامَّة فهو راشد؛ لأنَّ الهداية إنَّما تتمُّ بمعرفه الحقِّ والعمل به. نسأل اللَّه أن يجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين، وأن يجيرنا وأياكم من مضلات الفتن، وأن يُرينا الحقّ حقًّا، ويرزقنا اتباعه، ويُرينا الباطل باطلًا، ويرزقنا اجتنابه.

---------------------------------------------------------------------------

المصدر:

مصحف المدينة المنَّورة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).

 


تعليقات (
2
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.