عدد الزيارات: 4.3K

التوراة المفقودة


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 08-04-1439

عندما يدعو إلى الإسلام يهودي منصف.. فإنه يضع يده على مواطن الحقيقة المطموسة!!..

يوجع المكذبين بالحق.. لأنه يعلم كيف يُظهر ما يجتهدون في إخفائه!!..

فيكون الأثر عظيمًا.. في عقول وقلوب من ضللتهم آلة اليهود..

فالرأي العام الغربي يتم تضليله عبر المناهج التربوية وعبر الرسائل التي تبثها وسائل الإعلام التي يهيمن عليها اليهود، من خلال تكوين صورة ذهنية تصف اليهود بأنهم أصحاب حق مسلوب، بينما يتم تصميم صورة ذهنية سالبة تصف الفلسطينيين بأنهم ذئاب يهددون سلامة الحمل الإسرائيلي الوديع..

فيما يلي نورد قصة شاب أمريكي يهودي اعتنق الإسلام وفضح مزاعم اليهود الذين يدعون بأنهم شعب الله المختار وأنهم أصحاب أرض تم تسليمها لهم بقرار ممن لا يملك لمن لا يستحق.

درس عبدالله بنيامين جميع الأديان بما فيها الإسلام فاقتنع بدين الله الحنيف وأعلن إسلامه في مكتب رابطة العالم الإسلامي بنيويورك عام 1977، أمام الشيخ سليمان بن منيع نائب مدير إدارة البحوث والإفتاء بالسعودية، والشيخ محمد بن ناصر العبودي أمين الدعوة الإسلامية في الرياض.

في لقاء معه سُئل عبدالله بنامين عن السر الكامن وراء اهتمام القرآن الكريم بذكر اليهود حتى أصبحوا من أكثر الأقوام ذكرًا في سوره وآياته؟ فأجاب فيما معناه: تعتبر هذه واحدة من معجزات القرآن الكريم، فالله تعالى يعلم أن أشد الناس عداوة للمؤمنين إلى يوم القيامة هم اليهود، لذلك حذر المسلمين منهم ومن مكرهم ودهائهم إذ ظلوا عبر تاريخهم الطويل يحاربون الله ورسله، فقد حاربوا عيسى -عليه السلام- من قبل، وزعموا أنهم صلبوه، كما حاربوا محمدًا –صلى الله عليه وسلّم- ولكنه هزمهم في النهاية شر هزيمة.

أجاب كذلك عبدالله بنيامين عن سؤال يختص برأيه في التوراة الحالية المتداولة اليوم بين اليهود، فتحدّث حديث الواثق بنفسه والعالم ببواطن الأمور وقال: إن التوراة المتداولة اليوم بين اليهود تعتمد على خمسة أسفار يسندها اليهود إلى موسى -عليه السلام- ولكن الواقع التاريخي يؤكد أن هذه الأسفار الخمسة كتبت بعد موسى -عليه السلام- بأزمان طويلة!

هذه الحقيقة نفسها استنتجها المحققون اليهود الذين توصّلوا إلى قناعة بأن موسى –عليه السلام- لم يكتب الأسفار الخمسة الأولى المنسوبة له في العهد القديم، بل كتبت بعد موته بفترة طولية من الزمن، وأن التوراة التي أنزلها الله عزّ وجلّ عليه فقدت نسختها الأصلية وضاعت في حادثة بخت نصر.

يستشهدون على ذلك بعشرات النصوص الصريحة الواضحة، ومن بينها هذه النصوص من سفر التثنية التي ينعى فيها موسى نفسه: "فمات هناك موسى عبد الرب في أرض موآب حسب قول الرب.. ودفنه في الجواء في أرض موآب، مقابل بيت فغور. ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم..  وكان موسى ابن مئة وعشرين سنة حين مات، ولم تكل عينه ولا ذهبت نضارته.. فبكى بنو إسرائيل موسى في عربات موآب ثلاثين يومًا. فكملت أيام بكاء مناحة موسى". (تثنية 34: 5 – 8).

السؤال الذي لم يجد له المحققون اليهود إجابة: إذا كان موسى –عليه السلام- هو من كتب هذه الأسفار، فكيف ينعى نفسه بنفسه؟

ولمعرفة من أين جاءت التوراة الحالية لا بدّ من العودة إلى فترة ما بعد الغزو البابلي لمملكة يهوذا سنة 586 ق.م. تلك الفترة التي جلس فيها اليهود على ضفة الفرات وهم يبكون ويتباكون على حالهم، فكتبت هذه الأسفار الخمسة نتيجة لخيال محموم للمبعدين في الأسر البابلي، إنه خيال مريض انتقص سائر بني إسرائيل ومجّد يهوذا، بل جاء ببدعة الأرض الموعودة التي ادعى بأنها أرض أبناء يهوذا يرثونها وحدهم دون غيرهم، ولإضفاء صفة الشرعية على هذه الدعوة المزعومة المسمومة رأى مؤلفو هذه الأسفار أن يكون الوعد سابقًا للعهد الذي يعيشون فيه، فبدؤوا قصة مجيء الوعد بإبراهيم -عليه السلام-، ثم تسلسلوا به من إبراهيم إلى إسحاق وإلى يعقوب الذي هو إسرائيل، ثم أوصلوه لأنفسهم بتحويله من يعقوب إلى ابنه الرابع يهوذا الذي هو جدهم.. وحتى يضفوا الشرعية والقدسية على وعدهم المزعوم، نسبوا تلك الأسفار التي كتبوها بأيديهم إلى سيدنا موسى -عليه السلام-.. ولذلك فضحهم القرآن الكريم في أكثر من موضع: 

فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) البقرة

أما عن أساطير اليهود التي أقاموا عليها دولتهم فيقول عبدالله:

الغزو الفارسي لبابل قبل الميلاد هو الذي أعاد اليهود إلى فلسطين.. ولكن مجرد العودة إلى أرض الميعاد المزعومة لم يكن يعني لهم الكثير لذلك رأوا ضرورة أن يعيدوا دولتهم ويبنوا هيكل سليمان من جديد.. وهنا شعروا بمدى الحاجة إلى توثيق عرى الرابطة فيما بينهم.. تصدى حينها "عزرا" للأمر، فدعاهم إلى اجتماع عام، وناولهم هذه التوراة المزعومة بعد أن قرأ عليهم النصوص الخاصة بالأرض الموعودة.. حينذاك احتضن كل يهودي هذه التوراة المحرّفة التي تمنحه فلسطين (من الفرات إلى النيل) لإقامة دولة إسرائيل عليها.

لقد ظل اليهود لقرون طويلة ينتظرون المسيح نبي بني إسرائيل المرتقب (أليجا) التي تعني في العبرية المنقذ، أي الذي ينقذ اليهود من الاضطهاد ويعيد لهم مجدهم وملكهم، ولكن عندما يئس الصهاينة وطال عليهم الأمد، قاموا باغتصاب أرض فلسطين وتأسيس دولتهم عليها، وأبقيت أسطورة المسيح المنتظر عندهم خرافة يدغدغون بها مشاعر البسطاء منهم للدفاع عن دولتهم الصهيونية.

ويضيف عبدالله في إطار الإجابة عن سؤال آخر: إن عوامل كثيرة تضافرت لتساعد اليهود على سلب أرض فلسطين.. فبعد المذابح التي ذاقها اليهود في كل من روسيا وألمانيا النازية، بدأت فكرة العودة إلى الأرض الموعودة تظهر من جديد.. ساند الغرب الصليبي المستعمر اليهود في مساعيهم لأسباب عديدة منها خشيته من مكرهم وإجرامهم، ومنها استغلاله لأموالهم المودعة في المصارف الغربية والتي عبرها استطاع الغرب أن يسيطر على مراكز الصناعة والتجارة والاقتصاد، ومنها استجلاب أصواتهم في المعارك الانتخابية، فضلًا عن اتخاذهم مطايا للوصول إلى المآرب الإمبريالية.

ويؤكد عبدالله بنيامين أن التوراة، وبرغم ما أصابها من تحريف تتضمن العديد من أوصاف النبي الآتي في المستقبل، منها ما جاء في سفر إشعياء: "أو يُدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له: اقرأ هذا. فيقول: لا أعرف الكتابة" (سفر إشعياء: 29: 12). هذا النص يحمل خطابًا مباشرًا لليهود، ويبيّن لهم أن الكتاب يُدفع لنبي لا يقرأ ولا يكتب، أي إنه نبي أمّي، لم يتعلم القراءة والكتابة، ومُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- هو النبي الأمّي الوحيد! بالنسبة إلى المسيح -عليه السلام- فلم يكن أميًّا، بل كان يعلّم الأحبار وعمره اثنا عشر عامًا، وبالنسبة إلى موسى –عليه السلام- فقد نزلت عليه التوراة مكتوبة من الله عزّ وجلّ فقرأها بنفسه! ولم يكن بين أنبياء إسرائيل جميعًا من لا يعرف القراءة والكتابة. إذًا لا أحد تنطبق عليه الفقرة السابقة من سفر إشعياء سوى النبي الأمّي مُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم-!

ومُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- ليس بحاجة للقراءة والكتابة، لأن من يعلمك لا بدّ من أن تتأثر بتعاليمه، أما معلم مُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- فهو الوحي من ربه. ولذلك فمهما بلغت ثقافة العالم فلن تبلغ ثقافة مُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- فهو معلّم البشرية لا ريب. وكذلك أراد الله بحكمته البالغة أن يبعث خاتم النبيين وسط قوم أميين لا يقرؤون ولا يكتبون حتى لا يتوهم أحد أنهم تأثروا بتعاليم الشعوب والأمم الأخرى.

ويؤكد ذلك نبوءة أخرى في غاية الأهمية من سفر إشعياء نفسه موجّهة إلى بني إسرائيل: "إنه بشفة لكناء وبلسان آخر يكلم هذا الشعب" (سفر إشعياء: 28: 11). هذه النبوءة تتحدث عن أن هذا النبي الأمّي يكلّم شعب بني إسرائيل بلسان آخر، أي لغة غير لغتهم العبرية، ومُحمَّد –صلى الله عليه وسلّم- هو النبي الوحيد الذي خاطب بني إسرائيل بلغة غير لغتهم!

وقد ورد لفظ (بني إسرائيل) في القرآن 40 مرّة، وورد لفظ (اليهود) 8 مرّات!..

ظلوا يبشرون بقرب قدومه.. مؤكدين أنه مذكور في التوراة عندهم..

فلما ظهر.. كانوا أول المكذبين به.. كانوا أشد المحاربين له..

ولكن.. عندما يريد الله هداية أحدهم فلا رادّ لإرادته سبحانه..

بل يهدي الله بعضهم ليقدّموا أدلة الحق جليًّا للناس من الذين لا يعلمون..

فشهادة أهل اليهودية على اليهودية لا ينكرها عاقل أو منصف..

فكن عاقلًا منصفًا واستمع إلى صوت الحق..

اسأل الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

-------------------------

المصادر:

العشّي، عرفات كامل (2001)؛ رجال ونساء أسلموا؛ القاهرة: المكتب المصري الحديث.

اللولو، هالة صلاح الدين (2005)؛ كيف أسلمت؟ دمشق: دار الفكر.

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.