عدد الزيارات: 2.3K

الاستسلام لله


إعداد: الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي
آخر تحديث: 20/03/2019 هـ 29-03-1439

التميز والنجاح لا يعرفان حدودًا أو نهايات..

المتميزون قبل إسلامهم.. يزدادون تميزًا بالإسلام!

هم يبحثون.. ثم يبحثون.. ثم لا يملون ولا يكلون من البحث.. إما أن يصلوا.. وإما أن يصلوا!!

غريزة الوصول إلى الحق لا تنطفئ في قلوبهم حتى يعرفوا الحق عن قرب.. حتى ينتسبوا إليه..

بطل قصتنا من هؤلاء المميزين.. ولد لوالدين أمريكيين ينتميان إلى الكنيسة الأرثوذكسية.. تعلم في صغره التعاليم النصرانية فشب متدينًا.. وعندما شب عن الطوق دفعته فطرته السليمة إلى التمرد على عقيدته النصرانية.. تقافزت إلى ذهنه تساؤلات عديدة لم يجد لها إجابات منطقية حتى من القساوسة.. دفعه شكه في عقيدته إلى البحث في ديانات الشرق.. أتاح له عمله الدبلوماسي في الفلبين فرصة التقاء العديد من المسلمين، وبمعونتهم درس الإسلام فوجد فيه الإجابات المقنعة لكل تساؤلاته فاعتنقه.. إنه الكاتب القاص والدبلوماسي الأمريكي ألكساندر رسل ويب.. الداعية الإسلامي محمد ألكساندر.. هذه دعوة للسياحة بين فضاءات حكاية إسلامه..

ولد ألكساندر رسل ويب بمدينة هدسون التابعة لمقاطعة كولومبيا في ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.. والداه ينتميان إلى الكنيسة الأرثوذكسية ما جعله يلقن التعاليم والطقوس الأرثوذكسية منذ نعومة أظفاره فشب متدينًا.

عندما بلغ بطل هذه القصة العشرين من عمره وبدأ عقله أولى خطواته نحو النضج، بدأ يتمرد على عقيدته حيث اكتشف تعارض تعاليمها مع أبسط قواعد المنطق والفطرة السليمة.

بدأت تحاصره التساؤلات الغامضة حول عقيدته من كل حدب وصوب.. ما أثار حيرته اكتشافه أن القسيس نفسه لا يملك إجابات لهذه التساؤلات سوى أحاديث مكررة لا تقدم ولا تؤخر تناقلها رجال الكنيسة أبًا عن جد.

قاده شكه في العقيدة النصرانية إلى البحث في ديانات الشرق، عساه يجد فيها ما ظل ينشده.. قرأ أعمال الكتّاب والفلاسفة المهتمين بفلسفة الخلق والحياة والموت أمثال: مل، لوك، كانت، هيجل، وهكسلي، وغيرهم بحثًا عمّا يروي ظمأه من إجابات بيد أنه فشل في العثور على مبتغاه؛ لأن علمهم مهما علا سيظل محدودًا، وقاصرًا عن فهم واستيعاب حقيقة الذات الإلهية وعظمتها.

على الرغم من أن تلك القراءات لم تمده بإجابات عن أسئلته الحائرة فإنها مدته بكم مهول من المعارف الفلسفية التي مكنته من أن يمتلك قلمًا ذائع الصيت في مجال الفكر والكتابة، كما أنها، أتاحت له بعض المعلومات عن ديانات الشرق وفي مقدمتها العقيدة الإسلامية.

جعلت منه تلك القراءات قاصًّا موهوبًا، وكاتبًا صحافيًّا لامعًا، حيث عمل محررًا في كل من صحيفتي "سان جوزيف جازيت" و"الجمهوري ميسوري".. بيد أن النقلة الكبرى في حياته حدثت له إثر تعيينه قنصلًا عامًا للولايات المتحدة الأمريكية في العاصمة الفلبينية "مانيلا".

العمل الدبلوماسي لويب في مانيلا أتاح له فرصة التقاء العديد من المسلمين، وقد أعانه هؤلاء في معرفة الكثير عن الإسلام.. تألم بشدة عندما رأى المسلمين يعاملون في بلادهم كمواطنين من الدرجة الثانية بعد أن كانوا هم السادة والحكام.. وتألم أكثر عندما استحضر حقيقة أن الاستعمار الذي أسهمت بلاده في صنعه عبر بيعها الفلبين إلى البريطانيين بثمن بخس هو الذي أشعل نار الفتنة العنصرية لنصارى الفلبين ضد مسلميها المغلوب على أمرهم.

وما أن بدأ ألكساندر دراسة الإسلام حتى انبهر باكتشافه لعظمته وبساطته وقربه من الفطرة السليمة وبعده عن كل طلاسم الكنيسة التي تمتلئ بها عقائد النصارى.

وجد ويب في الإسلام تحقيقًا كاملًا للأخوة الإنسانية بمعناها الحقيقي العظيم إذ إن الناس فيه سواسية أمام الله تعالى كأسنان المشط لا فضل لأحدهم على الآخر إلا بالتقوى، كما وجد فيه علاقة مباشرة بين العبد وربه بلا وسيط بعكس الديانة النصرانية.. عندها فقط أدرك ألكساندر أن الإسلام هو النموذج الأسمى للأديان وأنه يمثل الفطرة والحق الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وأنه هو الدين الذي نادى به جميع الأنبياء والمرسلين بمن فيهم نبي الله عيسى -عليه السلام-.

وما أن وصل ويب إلى هذه القناعة حتى قرر اعتناق الإسلام بصورة رسمية عملية برغم يقينه بأنه مسلم بقلبه منذ سنوات عديدة.. فأعلن ويب إسلامه وغيّر اسمه إلى "محمد" تيمنًا بالرسول –صلى الله عليه وسلّم-، مع احتفاظه ببقية اسمه فصار يعرف باسم محمد ألكساندر رسل ويب.

وعقب إعلانه لإسلامه قام محمد ويب بجولة مكوكية طاف عبرها العديد من بلدان العالم الإسلامي حيث التقى إخوته في الله، ثم تفرغ كداعية إسلامي عقب انتهاء مدة خدمته في العمل.. وكان يرد على المتشككين في إسلامه بقوله: "إن اعتناقي الإسلام لم يكن نتيجة عاطفة منحرفة، أو اعتقادًا أعمى، أو حركة انفعالية آنية، ولكنه كان وليد دراسة جادة، أمينة، حثيثة، وبريئة من كل تصور مسبق، كان وليد الاستقراء، والتدبر، والرغبة الملحة في معرفة الحقيقة.. بكلمة أخرى، اعتنقت الإسلام بعد أن تبين لي أن جوهر العقيدة الإسلامية الحقة هو الاستسلام لله، وأن الصلاة حجر الزاوية فيها، إن هذه العقيدة تدعو إلى الأخوة العالمية، والحب العالمي، والتعاطف العالمي، إنها تلح على نقاء العقل، ونقاء الفعل، ونقاء القول، وتلح على النظافة –الطهارة– المادية، إنها الكاملة –فوق كل شيء– أبسط وأرقى أشكال الدين التي عرفها الإنسان".

إخلاص محمد ويب في خدمة الدعوة الإسلامية دفع الجالية المسلمة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى تكريمه بتقليده رئاستها..

وهذه هي كلمة السر.. الإخلاص..

أخلص توجهك إلى الله تفز في الدارين..

أخلص في البحث عن الحق.. تصل إلى كمال الإيمان..

إنه وعد الله للمخلِصين.. حتى يكونوا مخلَصين..

اسألوا الله الهداية.. فبالله نهتدي إلى الله.

--------------------------

المصادر:

الموسوعة الحرة (محمد ألكسندر رسل وب): https://ar.wikipedia.org/wiki

عبد الصمد، محمد كامل (1995)؛ الجانب الخفي وراء إسلام هؤلاء؛ ثلاثة أجزاء؛ القاهرة: الدار المصرية اللبنانية للنشر. 

 


تعليقات (
0
)

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع، وإنما هي وجهات نظر أصحابها فقط.